الكاتب : عمر البرازي
كلمات مفتاحية
إعادة تشكيل الجيش السوري - دمج الفصائل المسلحة - قوات سوريا الديمقراطية (قسد) - الإصلاح الأمني (SSR) - نزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج (DDR) - الهوية الوطنية والولاء للدولة - الفصائل الدرزية في السويداء - المقاتلون الأجانب - العسكري المهني والانتماء الفئوي - المصالحة الوطنية وبناء الثقة
تتجلى أبرز هذه التحديات في ضرورة دمج تشكيلات مسلحة متباينة من حيث البنية الإثنية والطائفية والمرجعية الأيديولوجية، ضمن جيش وطني مهني يمثل هوية الدولة الجامعة، لا الهويات الفئوية أو الفصائلية. وفي هذا السياق، يبرز على نحو خاص ثلاث كتل عسكرية رئيسية يفرض الحديث عنها نفسه في النقاش حول مستقبل الجيش السوري الجديد: قوات سوريا الديمقراطية، الفصائل الدرزية في السويداء، ومجموعات المقاتلين الأجانب، بالإضافة لموضوع إعادة ضم ضباط الجيش السوري السابق.
يهدف هذا المقال إلى تقديم قراءة تحليلية لملف إعادة تأسيس الجيش السوري، وذلك من خلال استعراض أبرز القوى المسلحة التي ستشكل محوراً في أي خطة دمج أو إعادة هيكلة، مع تحليل خصوصية كل قوة وارتباطاتها السياسية والعسكرية، وتقديم مجموعة من التوصيات التي توازن بين متطلبات الأمن الوطني وضرورات المصالحة الشاملة، استناداً إلى مبادئ إصلاح القطاع الأمني "SSR" برامج نزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج "DDR"
قوات سوريا الديمقراطية، الاتفاق أو الحرب
تُعد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) أبرز التشكيلات العسكرية غير النظامية التي برزت خلال سنوات الحرب، إذ تتشكل في معظمها من مقاتلين أكراد ينتمون إلى وحدات حماية الشعب الكردية (YPG)، إضافة إلى عناصر عربية وآشورية تعمل ضمن هيكل عسكري وإداري تقوده الإدارة الذاتية في شمال شرق البلاد. لا تُمثل قسد مجرد قوة قتالية، بل تعكس مشروعاً سياسياً ذا أبعاد إدارية وجغرافية يطمح إلى ترسيخ نموذج للحكم الذاتي، ما يجعل مسألة دمجها ضمن جيش وطني مركزي أكثر تعقيداً من مجرد استيعاب كوادر عسكرية1
ورغم ما أظهرته هذه القوات من كفاءة ميدانية في مواجهة داعش بدعم مباشر من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، إلا أن بنيتها الإثنية – السياسية تثير مخاوف من محاولاتها المستمرة للدخول ككتلة واحدة في الجيش الجديد وهو ما ترفضه الحكومة في دمشق، لا سيما في ظل ارتباط قسد بتحالفات خارجية. ومما يزيد صعوبة الدمج هو المفاوضات التي حدثت وتحدث لمناقشة حقوق الأكراد في سوريا، خصوصاً أن نظام البعث قد حرمهم من الكثير من حقوقهم على مدار سنوات طويلة. وتبرز هنا المقارنة مع تجربة جنوب السودان قبيل الانفصال، حين أدى دمج الفصائل الجنوبية في الجيش السوداني إلى اختلالات بنيوية بسبب غياب معالجة جذرية للتباينات السياسية والعرقية2
تبدو المشكلة، بشكل عام أكبر، من مجرد آلية تقنية لدمج مقاتلي قسد، خصوصاً أن هناك تعنت من قسد في تنفيذ اتفاق 10 آذار الموقع مع الدولة السورية، بالإضافة لممارساتها الإقصائية والانتهاكات المستمرة بحق أبناء المكون العربي في مناطق سيطرتها، مما قد يدفع العشائر العربية للانتفاضة بوجه قسد ومشروعها، وبالتالي قد تحظى هذه الانتفاضة بدعم عسكري من الجيش السوري، وهو ما سيجعل عملية الدمج عملية شبه مستحيلة، وسيتم ضم مقاتلين أكراد ممن يعارض سياسة قسد ومشروعها السياسي والعسكرية.
ورغم ما أظهرته هذه القوات من كفاءة ميدانية في مواجهة داعش بدعم مباشر من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، إلا أن بنيتها الإثنية – السياسية تثير مخاوف من محاولاتها المستمرة للدخول ككتلة واحدة في الجيش الجديد وهو ما ترفضه الحكومة في دمشق، لا سيما في ظل ارتباط قسد بتحالفات خارجية. ومما يزيد صعوبة الدمج هو المفاوضات التي حدثت وتحدث لمناقشة حقوق الأكراد في سوريا، خصوصاً أن نظام البعث قد حرمهم من الكثير من حقوقهم على مدار سنوات طويلة. وتبرز هنا المقارنة مع تجربة جنوب السودان قبيل الانفصال، حين أدى دمج الفصائل الجنوبية في الجيش السوداني إلى اختلالات بنيوية بسبب غياب معالجة جذرية للتباينات السياسية والعرقية2
ويمكن الاستفادة من التجربة الرواندية بعد الإبادة الجماعية، حيث أُعيد بناء الجيش على أساس الولاء للدولة والكفاءة المهنية، بعيداً عن الانتماءات العرقية أو الخلفيات السياسية
لضمان نجاح عملية الدمج، يتعين استيعاب مقاتلي قسد وغيرهم كأفراد ضمن وحدات مختلطة الإثنيات/المذاهب، مع احترام الخصوصيات الثقافية والدينية، دون السماح بوجود مشاريع موازية لهوية الدولة. ويمكن الاستفادة من التجربة الرواندية بعد الإبادة الجماعية، حيث أُعيد بناء الجيش على أساس الولاء للدولة والكفاءة المهنية، بعيداً عن الانتماءات العرقية أو الخلفيات السياسية.3
تبدو المشكلة، بشكل عام أكبر، من مجرد آلية تقنية لدمج مقاتلي قسد، خصوصاً أن هناك تعنت من قسد في تنفيذ اتفاق 10 آذار الموقع مع الدولة السورية، بالإضافة لممارساتها الإقصائية والانتهاكات المستمرة بحق أبناء المكون العربي في مناطق سيطرتها، مما قد يدفع العشائر العربية للانتفاضة بوجه قسد ومشروعها، وبالتالي قد تحظى هذه الانتفاضة بدعم عسكري من الجيش السوري، وهو ما سيجعل عملية الدمج عملية شبه مستحيلة، وسيتم ضم مقاتلين أكراد ممن يعارض سياسة قسد ومشروعها السياسي والعسكرية.
الفصائل الدرزية: بين منطق الحماية الذاتية ومقتضيات الدولة
برزت الفصائل المسلحة الدرزية في الجنوب كفاعل أمني رئيسي، خصوصاً في محافظة السويداء التي شهدت قبل سقوط النظام سلسلة من الأحداث عكست طبيعة التعقيدات في موقع الدروز ضمن المعادلة الوطنية. فقد اتسمت هذه الفصائل بتركيزها على العمل محلياً وضمن أجندات مختلفة المرجعية سواء وطنية أو مرتبطة بالنظام أو حلفائه وحتى تلك العاملة في تجارة المخدرات، وذلك في ظل تراجع قدرة النظام على فرض سيطرته.
بعد سقوط النظام برز دور الشيخ حكمت الهجري، المرجعية الدينية الأبرز للدروز في المنطقة، الذي تبنّى خطاباً يرفض منذ البداية إعادة إدماج المجتمع الدرزي في مؤسسات الدولة، وعلى وجه الخصوص العسكرية والأمنية منها. بل إن مشروعه، وفق معطيات متداولة، ارتبط بتصور عابر للحدود يتقاطع مع مصالح إسرائيل، ويعكس سعياً لترسيخ وضعية خاصة للدروز خارج الإطار الوطني السوري. هذا التوجه أوجد انقساماً داخلياً في السويداء بين من ينادي بالانفتاح على الدولة والانخراط في مؤسساتها، وبين من يرى أن أي عودة للمؤسسة العسكرية تعني فقدان استقلالية المجتمع المحلي.
وساهمت أحداث السويداء في شهر تموز 2025 بتأكيد أن قسماً كبيراً من الفصائل ليس مجرد تشكيلات محلية محدودة، بل تحمل أبعاداً سياسية عابرة للحدود خصوصاً مع سيطرة الهجري وتياره على قسم كبير من السويداء واستعانته بإسرائيل لإيقاف فرض سيطرة الدولة على السويداء، وزاد ذلك من الشرخ الحاصل بين الدولة والسويداء خصوصاً مع ارتكاب انتهاكات من الطرفين. واستمرار هذه الصيغة من "الاستقلال الأمني" يحمل أخطار كبيرة، أهمها تكريس منطق "الكانتونات" الذي يعزل السويداء عن محيطها، ويفتح الباب تدخلات خارجية تزيد من هشاشة النسيج الوطني.
من المتوقع في الوقت الحالي أن تبقى معضلة السويداء معلقة، ومن الصعب تماماً التفكير في كيفية دمج فصائل عسكرية واجهت الدولة بالقوة العسكرية واستعانت بالجيش الإسرائيلي لقصف الجيش الذي ستنضم إليه، وتبقى معالجة هذه الإشكالية، بحاجة من مشروع سياسي – أمني متكامل يستعيد ثقة الدروز بالدولة المركزية عبر إصلاحات واسعة، والعمل بشكل موازٍ استقطاب أكبر قدر ممكن من الشباب الدروز من الفصائل التي لم تواجه الدولة عسكرياً للانضمام إلى الجيش ولاحقاً المدنيين أسوة بغيرهم من السوريين.4
بعد سقوط النظام برز دور الشيخ حكمت الهجري، المرجعية الدينية الأبرز للدروز في المنطقة، الذي تبنّى خطاباً يرفض منذ البداية إعادة إدماج المجتمع الدرزي في مؤسسات الدولة، وعلى وجه الخصوص العسكرية والأمنية منها. بل إن مشروعه، وفق معطيات متداولة، ارتبط بتصور عابر للحدود يتقاطع مع مصالح إسرائيل، ويعكس سعياً لترسيخ وضعية خاصة للدروز خارج الإطار الوطني السوري. هذا التوجه أوجد انقساماً داخلياً في السويداء بين من ينادي بالانفتاح على الدولة والانخراط في مؤسساتها، وبين من يرى أن أي عودة للمؤسسة العسكرية تعني فقدان استقلالية المجتمع المحلي.
وساهمت أحداث السويداء في شهر تموز 2025 بتأكيد أن قسماً كبيراً من الفصائل ليس مجرد تشكيلات محلية محدودة، بل تحمل أبعاداً سياسية عابرة للحدود خصوصاً مع سيطرة الهجري وتياره على قسم كبير من السويداء واستعانته بإسرائيل لإيقاف فرض سيطرة الدولة على السويداء، وزاد ذلك من الشرخ الحاصل بين الدولة والسويداء خصوصاً مع ارتكاب انتهاكات من الطرفين. واستمرار هذه الصيغة من "الاستقلال الأمني" يحمل أخطار كبيرة، أهمها تكريس منطق "الكانتونات" الذي يعزل السويداء عن محيطها، ويفتح الباب تدخلات خارجية تزيد من هشاشة النسيج الوطني.
من المتوقع في الوقت الحالي أن تبقى معضلة السويداء معلقة، ومن الصعب تماماً التفكير في كيفية دمج فصائل عسكرية واجهت الدولة بالقوة العسكرية واستعانت بالجيش الإسرائيلي لقصف الجيش الذي ستنضم إليه، وتبقى معالجة هذه الإشكالية، بحاجة من مشروع سياسي – أمني متكامل يستعيد ثقة الدروز بالدولة المركزية عبر إصلاحات واسعة، والعمل بشكل موازٍ استقطاب أكبر قدر ممكن من الشباب الدروز من الفصائل التي لم تواجه الدولة عسكرياً للانضمام إلى الجيش ولاحقاً المدنيين أسوة بغيرهم من السوريين.4
المقاتلون الأجانب: ما بين الولاء لسورية أو الولاء العابر للحدود
يشكل المقاتلون المعروفون بـ "المهاجرين" شريحة خاصة من العناصر التي شاركت في الصراع السوري، وغالباً ما دفعتهم دوافع عقائدية إسلامية عابرة للحدود إلى الانخراط في المعارك، سواء إلى جانب فصائل محلية أو ضمن تشكيلات مستقلة. ورغم مساهمة بعضهم في معارك مفصلية ضد النظام آخرها معركة "ردع العدوان"، إلا أن هناك تخوف من مرجعياتهم الأيديولوجية العابرة للهوية الوطنية، وبالتالي فإن مسألة دمجهم في الجيش مسألة بالغة الحساسية.
لا يمكن،بشكل عام، التعامل مع المقاتلين الأجانب بوصفهم كتلة واحدة؛ إذ تتنوع منطلقاتهم بين الالتحاق بدوافع نصرة الشعب السوري، وبين حمل أجندات قد تكون عابرة للحدود وهم قلّة وسبق أن تعاملت معهم هيئة تحرير الشام بحزم، وسافر معظمهم للقتال في جبهات أوكرانيا ضد روسيا. وتملك الدولة تصنيفاً دقيقاً لهذه المجموعات ويمكنها بسهولة استبعاد كل من يرفض الالتزام بمرجعية الدولة خصوصاً في حال حصول بعضهم على الجنسية السورية وفق الأنظمة والقوانين الناظمة ضمن إطار الإعلان الدستوري أو الدستور لاحقاً.
أما بالنسبة للأجانب غير المؤهلين للحصول على الجنسية، ولكنهم مؤهلين للدمج فمن الممكن استلهام النموذج الإيرلندي5 الذي يفتح باب التجنيد لمتطوعين أجانب شريطة التزامهم بالقوانين الوطنية والخضوع للانضباط العسكري الصارم، أو يمكن الاستفادة من فكرة الفيلق الأجنبي في الجيش الفرنسي، والذي يضم أجانب في صفوفه ويتيح إمكانية التجنيس عبر ما يعرف باكتساب الجنسية "بالدم المراق".
لا يمكن،بشكل عام، التعامل مع المقاتلين الأجانب بوصفهم كتلة واحدة؛ إذ تتنوع منطلقاتهم بين الالتحاق بدوافع نصرة الشعب السوري، وبين حمل أجندات قد تكون عابرة للحدود وهم قلّة وسبق أن تعاملت معهم هيئة تحرير الشام بحزم، وسافر معظمهم للقتال في جبهات أوكرانيا ضد روسيا. وتملك الدولة تصنيفاً دقيقاً لهذه المجموعات ويمكنها بسهولة استبعاد كل من يرفض الالتزام بمرجعية الدولة خصوصاً في حال حصول بعضهم على الجنسية السورية وفق الأنظمة والقوانين الناظمة ضمن إطار الإعلان الدستوري أو الدستور لاحقاً.
أما بالنسبة للأجانب غير المؤهلين للحصول على الجنسية، ولكنهم مؤهلين للدمج فمن الممكن استلهام النموذج الإيرلندي5 الذي يفتح باب التجنيد لمتطوعين أجانب شريطة التزامهم بالقوانين الوطنية والخضوع للانضباط العسكري الصارم، أو يمكن الاستفادة من فكرة الفيلق الأجنبي في الجيش الفرنسي، والذي يضم أجانب في صفوفه ويتيح إمكانية التجنيس عبر ما يعرف باكتساب الجنسية "بالدم المراق".
الإجراءات العملية لبناء جيش وطني جامع
في السياق السوري، قد يؤدي الدمج غير المنضبط للفصائل العقائدية إلى "ميليشياوية مقنّعة"، حيث يحتفظ الأفراد بولاءاتهم القديمة رغم ارتدائهم زي الجيش الوطني .6
لذلك، فإن التحدي الأكبر لا يكمن فقط في ضم الأفراد، بل في تفكيك البنى الأيديولوجية السابقة، وبناء عقيدة عسكرية جامعة تضع الانتماء للوطن فوق أي انتماء آخر، وهو ما أكده وزير الدفاع مرهف أبو قصرة بمقابلة له بأن "الجيش الجديد ستكون عقيدته حماية الشعب والجغرافيا" ،
7
كتأكيد على الحاجة إلى عقيدة جامعة تتجاوز الانقسامات. ولذلك ينبغي أن يتم الدمج على أساس فردي لا فصائلي وهو ما تحاول الدولة القيام به حتى الآن، كما ينبغي أن يخضع جميع المجندين لتدريب موحّد وبرامج تأهيلية تعيد صياغة عقيدتهم العسكرية على أسس الولاء الوطني.
استناداً إلى ما سبق، يتطلب مسار إعادة تأسيس الجيش تبني مجموعة من الخطوات المترابطة التي تضمن أن تكون هذه العملية جزءاً من مشروع وطني شامل، لا مجرد إجراء تقني معزول. تبدأ هذه الخطوات بضرورة اعتماد معايير مهنية واضحة في التعيينات القيادية، بشرط تُبنى على الكفاءة والخبرة الميدانية، مع الحفاظ على التوازن التمثيلي بين المكونات دون الإخلال بالمعايير المهنية، بما يمنع إعادة إنتاج أنماط الإقصاء أو الهيمنة.
وفي موازاة ذلك، ينبغي تشكيل وحدات قتالية مختلطة الخلفيات الإثنية والمذهبية والمناطقية، بهدف كسر أي تجانس طائفي أو فئوي داخل القطعات العسكرية. أيضاً في السياق ذاته، من الضروري أن ترتبط عملية الإصلاح العسكري بمسار أوسع للمصالحة الوطنية، يتجاوز منطق المنتصر والمهزوم، ويعزز الشعور بالمسؤولية المشتركة تجاه الدولة والمستقبل.
أخيراً، ينبغي وضع إطار قانوني ودستوري يضمن خضوع المؤسسة العسكرية لرقابة السلطة التشريعية، بما يتسق مع مبادئ إصلاح القطاع الأمني "SSR" ويسد الطريق أمام عسكرة القرار السياسي. وفي ظل الحاجة إلى الخبرات والموارد، يمكن للقوى الدولية الداعمة لمرحلة الانتقال أن تؤدي دوراً في توفير الدعم الفني والمشورة والرقابة على عمليات إعادة الهيكلة، مع ضمان بقاء القرار العسكري خاضعاً لسيادة الدولة السورية وإرادتها الوطنية.
________________________
استناداً إلى ما سبق، يتطلب مسار إعادة تأسيس الجيش تبني مجموعة من الخطوات المترابطة التي تضمن أن تكون هذه العملية جزءاً من مشروع وطني شامل، لا مجرد إجراء تقني معزول. تبدأ هذه الخطوات بضرورة اعتماد معايير مهنية واضحة في التعيينات القيادية، بشرط تُبنى على الكفاءة والخبرة الميدانية، مع الحفاظ على التوازن التمثيلي بين المكونات دون الإخلال بالمعايير المهنية، بما يمنع إعادة إنتاج أنماط الإقصاء أو الهيمنة.
وفي موازاة ذلك، ينبغي تشكيل وحدات قتالية مختلطة الخلفيات الإثنية والمذهبية والمناطقية، بهدف كسر أي تجانس طائفي أو فئوي داخل القطعات العسكرية. أيضاً في السياق ذاته، من الضروري أن ترتبط عملية الإصلاح العسكري بمسار أوسع للمصالحة الوطنية، يتجاوز منطق المنتصر والمهزوم، ويعزز الشعور بالمسؤولية المشتركة تجاه الدولة والمستقبل.
أخيراً، ينبغي وضع إطار قانوني ودستوري يضمن خضوع المؤسسة العسكرية لرقابة السلطة التشريعية، بما يتسق مع مبادئ إصلاح القطاع الأمني "SSR" ويسد الطريق أمام عسكرة القرار السياسي. وفي ظل الحاجة إلى الخبرات والموارد، يمكن للقوى الدولية الداعمة لمرحلة الانتقال أن تؤدي دوراً في توفير الدعم الفني والمشورة والرقابة على عمليات إعادة الهيكلة، مع ضمان بقاء القرار العسكري خاضعاً لسيادة الدولة السورية وإرادتها الوطنية.
________________________
- 1. Ghadi Sar,”Kurdish Self-governance in Syria: Survival and Ambition”, Chatham House, Publish Date: 15/09/2016, link: http://bit.ly/45kMSgR
- 2. Alex de Waal,” Sudan: The turbulent state”, Tufts University, Publish Date: 02/09/2007, link: https://bit.ly/4oVLpFE
- 3. Christoph Vogel، "Securing Rwanda s Transition: A View from Within",ISS, Publish Date: 25/03/2019, link: https://bit.ly/4mO9s7s
- 4. سمير العبدالله ونوار شعبان، "إعادة بناء الأمن في سورية: تحديات واستراتيجيات نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج وإصلاح القطاع الأمني (DDR/ SSR)"، مركز حرمون للدراسات المعاصرة، تاريخ النشر: 11/04/2025، رابط إلكتروني: https://www.harmoon.org/?p=41098
- 5. قوات الدفاع الأيرلندية، "التجنيد للأجانب"، تاريخ النشر:2023, رابط إلكتروني: https://military.ie
- 6. فضل عبد الغني، " تحديات إعادة إدماج الجماعات المسلحة في سورية ما بعد المرحلة الانتقالية: نحو استقرار طويل الأمد"، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، تاريخ النشر: 19/06/2025، رابط إلكتروني: https://bit.ly/45Cfa5r
- 7. مرهف أبو قصرة, "مقابلة مع وزير الدفاع السوري "، قناة الإخبارية السورية، تاريخ النشر: 26/05/2025، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3JhLhzQ