اتفاق تطبيع بين إسرائيل وسوريا لا يزال حلمًا بعيدًا 1.
اقرأ النص باللغة الأصلية | تأليف: يوني بن مناحم 2.
ترجمة: ياسر مناع - باحث ومترجم
ملخص المقالة
إن توقيع اتفاق تطبيع بين إسرائيل وسوريا سيُقيّد حرية عمل الجيش الإسرائيلي، ويحدّ من قدرة إسرائيل على حماية مستوطنات هضبة الجولان والدروز في السويداء.مصادر سياسية في القدس تقول إن اتفاق تطبيع بين إسرائيل وسوريا لا يزال بعيد المنال. في الوقت ذاته، حذّر مسؤول أمني رفيع المستوى القيادة السياسية من أن توقيع اتفاق أمني مع النظام السوري الجديد، يتضمّن العودة إلى اتفاقية فكّ الاشتباك لعام 1974، سيؤدي إلى الإضرار بحرية عمل الجيش الإسرائيلي ويُقيد قدرة إسرائيل على حماية مستوطنات هضبة الجولان وكذلك السكان الدروز في السويداء.
كلمات مفتاحية
تطبيع إسرائيل وسوريا - هضبة الجولان - السويداء - النظام السوري الجديد - اتفاق فك الاشتباك 1974 - الدروز - ممر إنساني - موفّق طريف - توم باراك
في 23 آب 2025 نفت وزارة الخارجية السورية رسميًا التقارير التي تم تداولها في بعض وسائل الإعلام العربية بشأن توقيع اتفاق أمني وتطبيع بين إسرائيل وسوريا، برعاية الولايات المتحدة، في 25 سبتمبر المقبل.
انتشرت الشائعات عقب لقاء عُقد في باريس الأسبوع الماضي بين وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني والوزير الإسرائيلي لشؤون الاستراتيجية رون ديرمر. وقد أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) بأن وزير الخارجية أسعد الشيباني اجتمع مع وفد إسرائيلي في باريس يوم الثلاثاء، 19 آب، "لبحث عدد من القضايا المتعلقة بتعزيز الاستقرار في المنطقة وجنوب سوريا".
وأشارت الوكالة إلى أن المحادثات ركزت على خفض مستوى التوتر، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لسوريا، والتوصل إلى تفاهمات تدعم الاستقرار الإقليمي، بالإضافة إلى الإشراف على وقف إطلاق النار في محافظة السويداء بجنوب سوريا. ووفقًا لمصادر سورية، فقد كان هذا الاجتماع هو الثاني من نوعه في باريس خلال أقل من شهر، بمشاركة المبعوث الأمريكي توم باراك.
كان الهدف الرئيسي من المحادثات هو معالجة القضايا في جنوب سوريا، بما في ذلك في محافظة السويداء، حيث تسعى إسرائيل إلى ضمان استمرار النظام الذاتي للطائفة الدرزية وفتح "ممر بري" من إسرائيل إلى السويداء لنقل المساعدات الإنسانية إلى الدروز، وذلك في أعقاب المجازر الأخيرة التي استهدفت أبناء الطائفة.
وقد عُقد اللقاء في باريس عقب نقاش بين باراك والشيخ موفّق طريف، الزعيم الروحي لدروز إسرائيل، حيث عرض الشيخ طريف عددًا من المطالب العاجلة، وهي:
وأشار مسؤولون أمنيون كبار إلى أن نظام الشرع يرزح تحت ضغط متزايد عقب مظاهرة كبيرة شهدتها السويداء الأسبوع الماضي، حيث رفع آلاف المتظاهرين الدروز أعلام إسرائيل وطالبوا بالحكم الذاتي أو بالانضمام إلى إسرائيل.
وبعض المتظاهرين وصفوا النظام السوري الجديد بأنه "نظام شبيه بداعش"، وأبدوا استعدادًا للانخراط في صفوف الجيش الإسرائيلي.
من جهتها، نقلت مصادر في الإدارة الأمريكية أن إدارة ترامب تعتزم الدفع نحو اتفاق أمني بين إسرائيل وسوريا يتضمن فتح "ممر إنساني" بين إسرائيل والسويداء لتقديم مساعدات مباشرة للمواطنين في جنوب سوريا.
إلا أن وكالة الأنباء السورية الرسمية سانا أعلنت أنه لن يتم إنشاء مثل هذا الممر، وأن المساعدات الإنسانية إلى السويداء ستُنقل فقط عبر التنسيق مع مؤسسات الدولة في دمشق.
يؤكد مسؤولون سياسيون كبار أن إدارة ترامب تسعى إلى تهدئة التوتر في جنوب سوريا بعد المجازر الأخيرة التي استهدفت الدروز، وإلى الدفع بحوار أمني بين إسرائيل وسوريا.
أحد المكونات الأساسية لهذا الحوار هو احتمال العودة إلى اتفاق فكّ الاشتباك بين إسرائيل وسوريا لعام 1974. فقد شكّل هذا الاتفاق، على مدى عقود، الأساس لإدارة الحدود بين الطرفين، وخاصة في هضبة الجولان. ونصّ الاتفاق حينها على إقامة مناطق منزوعة السلاح على جانبي الحدود، ونشر قوات الـ يوندوف (UNDOF) للإشراف على الالتزام، ورصد الانتهاكات، ومنع اندلاع مواجهات عسكرية مباشرة.
وقدّر مصدر سياسي رفيع أن إدارة ترامب ربما تعمل على ترتيب خطاب الشرع في الجمعية العامة المقبلة للأمم المتحدة، وربما حتى "مصافحة غير رسمية في أحد الممرات" مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، غير أن أي تسوية من هذا النوع لم تحظَ حتى الآن بتأكيد رسمي من أي جهة.
وبعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، اضطرت إسرائيل إلى التعامل مع واقع جديد على حدودها الشمالية. فقد أدّت انهيارات النظام إلى خلق فراغ سلطوي كان من شأنه أن يسهّل صعود جماعات متطرفة مثل "داعش" أو ميليشيات مدعومة من إيران، مما يشكل تهديدًا أمنيًا جديدًا لإسرائيل.
حرّكت إسرائيل بسرعة، فوسّعت منطقة العزل الخاصة بها في هضبة الجولان وبدأت بتنفيذ ضربات جوية بهدف تدمير الترسانة العسكرية التابعة لبشار الأسد، ولمنع وقوعها في أيدي التنظيمات الجهادية المتطرفة.
وفي الوقت نفسه، ترى إسرائيل في سقوط الأسد فرصة لوقف النفوذ الإيراني، وتعزيز سيطرتها على الحدود السورية، ومنع تهريب الأسلحة من إيران عبر سوريا إلى حزب الله في لبنان.
ومع ذلك، يؤكد مسؤول سياسي رفيع إصرار إسرائيل في المحادثات مع النظام السوري الجديد على حماية الطائفة الدرزية في السويداء وعلى إخراج جميع القوات المسلحة من الحدود مع إسرائيل.
وحذّر المسؤول من أن الجماعات الجهادية في المنطقة تسعى لاستهداف المستوطنات الإسرائيلية في الجولان وتنفيذ مجازر شبيهة بالفواجع التي حدثت في جنوب إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر، وهو ما يستلزم تخطيطًا عسكريًا ودبلوماسيًا دقيقًا. وتتعامل إسرائيل بحذر شديد في مفاوضاتها مع النظام الجديد في دمشق.
وأوضح المسؤول أن الشرع لا يفرض سيطرة أمنية كاملة على مجمل الأراضي السورية، وأن قواته الأمنية كانت في بعض الأحيان شريكة – حتى وإن كان ذلك بصورة غير مباشرة – في مجازر ارتُكبت ضد أقليات، بما في ذلك قتل علويين في بلدات ساحلية في سوريا، وكذلك دروز في السويداء.
وبحسب قوله، فإن إسرائيل تسعى إلى التوصل لاتفاق تطبيع مع سوريا، لكن مثل هذا الاتفاق ما يزال بعيدًا: "إسرائيل لن تتنازل عن مصالحها الأمنية الحيوية أو عن سيادتها في هضبة الجولان مقابل أي اتفاق تطبيع مع نظام الشرع"، على حد تعبيره.
وحذّر مسؤول أمني رفيع المستوى القيادة السياسية من أن توقيع اتفاق أمني مع "نظام الجولاني الجهادي" يتضمّن العودة إلى اتفاق فكّ الاشتباك لعام 1974، سيُقيّد حرية عمل الجيش الإسرائيلي ويحدّ من قدرة إسرائيل على حماية مستوطنات هضبة الجولان والطائفة الدرزية في السويداء. وأضاف قائلاً: "طالما أن نظامًا جهاديًا يسيطر على سوريا، فمن الأفضل أن لا توقّع إسرائيل على أي اتفاق، وأن تحافظ على الوضع القائم الذي لا يفرض عليها أي قيود دولية فيما يتعلق بعملياتها الأمنية الحيوية".
________________________________
انتشرت الشائعات عقب لقاء عُقد في باريس الأسبوع الماضي بين وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني والوزير الإسرائيلي لشؤون الاستراتيجية رون ديرمر. وقد أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) بأن وزير الخارجية أسعد الشيباني اجتمع مع وفد إسرائيلي في باريس يوم الثلاثاء، 19 آب، "لبحث عدد من القضايا المتعلقة بتعزيز الاستقرار في المنطقة وجنوب سوريا".
وأشارت الوكالة إلى أن المحادثات ركزت على خفض مستوى التوتر، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لسوريا، والتوصل إلى تفاهمات تدعم الاستقرار الإقليمي، بالإضافة إلى الإشراف على وقف إطلاق النار في محافظة السويداء بجنوب سوريا. ووفقًا لمصادر سورية، فقد كان هذا الاجتماع هو الثاني من نوعه في باريس خلال أقل من شهر، بمشاركة المبعوث الأمريكي توم باراك.
كان الهدف الرئيسي من المحادثات هو معالجة القضايا في جنوب سوريا، بما في ذلك في محافظة السويداء، حيث تسعى إسرائيل إلى ضمان استمرار النظام الذاتي للطائفة الدرزية وفتح "ممر بري" من إسرائيل إلى السويداء لنقل المساعدات الإنسانية إلى الدروز، وذلك في أعقاب المجازر الأخيرة التي استهدفت أبناء الطائفة.
وقد عُقد اللقاء في باريس عقب نقاش بين باراك والشيخ موفّق طريف، الزعيم الروحي لدروز إسرائيل، حيث عرض الشيخ طريف عددًا من المطالب العاجلة، وهي:
- إرساء وقف إطلاق نار مستدام في محافظة السويداء.
- فتح ممر بري آمن من إسرائيل إلى السويداء لتقديم المساعدات الإنسانية، تحت إشراف أمريكي.
- رفع الحصار المفروض على منطقة السويداء.
- الإفراج عن نحو 100 رهينة درزية، معظمهم من النساء والأطفال، المحتجزين لدى العشائر البدوية، وإعادتهم إلى منازلهم في السويداء.
وأشار مسؤولون أمنيون كبار إلى أن نظام الشرع يرزح تحت ضغط متزايد عقب مظاهرة كبيرة شهدتها السويداء الأسبوع الماضي، حيث رفع آلاف المتظاهرين الدروز أعلام إسرائيل وطالبوا بالحكم الذاتي أو بالانضمام إلى إسرائيل.
"رفع آلاف المتظاهرين الدروز أعلام إسرائيل وطالبوا بالحكم الذاتي أو بالانضمام إلى إسرائيل."
وبعض المتظاهرين وصفوا النظام السوري الجديد بأنه "نظام شبيه بداعش"، وأبدوا استعدادًا للانخراط في صفوف الجيش الإسرائيلي.
من جهتها، نقلت مصادر في الإدارة الأمريكية أن إدارة ترامب تعتزم الدفع نحو اتفاق أمني بين إسرائيل وسوريا يتضمن فتح "ممر إنساني" بين إسرائيل والسويداء لتقديم مساعدات مباشرة للمواطنين في جنوب سوريا.
إلا أن وكالة الأنباء السورية الرسمية سانا أعلنت أنه لن يتم إنشاء مثل هذا الممر، وأن المساعدات الإنسانية إلى السويداء ستُنقل فقط عبر التنسيق مع مؤسسات الدولة في دمشق.
يؤكد مسؤولون سياسيون كبار أن إدارة ترامب تسعى إلى تهدئة التوتر في جنوب سوريا بعد المجازر الأخيرة التي استهدفت الدروز، وإلى الدفع بحوار أمني بين إسرائيل وسوريا.
أحد المكونات الأساسية لهذا الحوار هو احتمال العودة إلى اتفاق فكّ الاشتباك بين إسرائيل وسوريا لعام 1974. فقد شكّل هذا الاتفاق، على مدى عقود، الأساس لإدارة الحدود بين الطرفين، وخاصة في هضبة الجولان. ونصّ الاتفاق حينها على إقامة مناطق منزوعة السلاح على جانبي الحدود، ونشر قوات الـ يوندوف (UNDOF) للإشراف على الالتزام، ورصد الانتهاكات، ومنع اندلاع مواجهات عسكرية مباشرة.
وقدّر مصدر سياسي رفيع أن إدارة ترامب ربما تعمل على ترتيب خطاب الشرع في الجمعية العامة المقبلة للأمم المتحدة، وربما حتى "مصافحة غير رسمية في أحد الممرات" مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، غير أن أي تسوية من هذا النوع لم تحظَ حتى الآن بتأكيد رسمي من أي جهة.
"العودة إلى اتفاق فكّ الاشتباك بين إسرائيل وسوريا لعام 1974 قد يُقيّد حرية عمل الجيش الإسرائيلي."
وبعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، اضطرت إسرائيل إلى التعامل مع واقع جديد على حدودها الشمالية. فقد أدّت انهيارات النظام إلى خلق فراغ سلطوي كان من شأنه أن يسهّل صعود جماعات متطرفة مثل "داعش" أو ميليشيات مدعومة من إيران، مما يشكل تهديدًا أمنيًا جديدًا لإسرائيل.
حرّكت إسرائيل بسرعة، فوسّعت منطقة العزل الخاصة بها في هضبة الجولان وبدأت بتنفيذ ضربات جوية بهدف تدمير الترسانة العسكرية التابعة لبشار الأسد، ولمنع وقوعها في أيدي التنظيمات الجهادية المتطرفة.
وفي الوقت نفسه، ترى إسرائيل في سقوط الأسد فرصة لوقف النفوذ الإيراني، وتعزيز سيطرتها على الحدود السورية، ومنع تهريب الأسلحة من إيران عبر سوريا إلى حزب الله في لبنان.
ومع ذلك، يؤكد مسؤول سياسي رفيع إصرار إسرائيل في المحادثات مع النظام السوري الجديد على حماية الطائفة الدرزية في السويداء وعلى إخراج جميع القوات المسلحة من الحدود مع إسرائيل.
وحذّر المسؤول من أن الجماعات الجهادية في المنطقة تسعى لاستهداف المستوطنات الإسرائيلية في الجولان وتنفيذ مجازر شبيهة بالفواجع التي حدثت في جنوب إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر، وهو ما يستلزم تخطيطًا عسكريًا ودبلوماسيًا دقيقًا. وتتعامل إسرائيل بحذر شديد في مفاوضاتها مع النظام الجديد في دمشق.
وأوضح المسؤول أن الشرع لا يفرض سيطرة أمنية كاملة على مجمل الأراضي السورية، وأن قواته الأمنية كانت في بعض الأحيان شريكة – حتى وإن كان ذلك بصورة غير مباشرة – في مجازر ارتُكبت ضد أقليات، بما في ذلك قتل علويين في بلدات ساحلية في سوريا، وكذلك دروز في السويداء.
وبحسب قوله، فإن إسرائيل تسعى إلى التوصل لاتفاق تطبيع مع سوريا، لكن مثل هذا الاتفاق ما يزال بعيدًا: "إسرائيل لن تتنازل عن مصالحها الأمنية الحيوية أو عن سيادتها في هضبة الجولان مقابل أي اتفاق تطبيع مع نظام الشرع"، على حد تعبيره.
وحذّر مسؤول أمني رفيع المستوى القيادة السياسية من أن توقيع اتفاق أمني مع "نظام الجولاني الجهادي" يتضمّن العودة إلى اتفاق فكّ الاشتباك لعام 1974، سيُقيّد حرية عمل الجيش الإسرائيلي ويحدّ من قدرة إسرائيل على حماية مستوطنات هضبة الجولان والطائفة الدرزية في السويداء. وأضاف قائلاً: "طالما أن نظامًا جهاديًا يسيطر على سوريا، فمن الأفضل أن لا توقّع إسرائيل على أي اتفاق، وأن تحافظ على الوضع القائم الذي لا يفرض عليها أي قيود دولية فيما يتعلق بعملياتها الأمنية الحيوية".
________________________________
- 1. يوني بن مناحم، "اتفاق تطبيع بين إسرائيل وسوريا ما يزال حلمًا بعيدًا"، المركز اليورشليمي للشؤون الخارجية والأمنية، 26 آب 2025، https://jcpa.org.il/a-normalization-agreement-between-israel-and-syria-remains-a-distant-prospect/
- 2 يوني بن مناحِم، باحث بارز وخبير إسرائيلي في شؤون الشرق الأوسط، شغل سابقًا منصب المدير العام لهيئة البثّ العامة، ويعمل حاليًا باحثًا كبيرًا في المركز اليورشليمي للشؤون الخارجية والأمنية.